هند زوجة الحَجاج
تزوج الحَجاج من امرأة اسمها هند رغماً عنها وعن أبيها .. وذات مرة وبعد مرور سنة جلست هند أمام المرآة تندب حظها وهي تقول :
وما هندُ إلا مُهرةٌ عربيةٌ ... سَليلةُ أفراسٍ تحللها بغلُ
فإن أتاها مهرٌ فلله درها ... وإن أتاها بغلٌ فمن ذلك البغلِ
فسمعها الحجاج فغضب فذهب إلى خادمه وقال له إذهب إليها وبلغها أني طلقتها في كلمتين فقط ولو زدت ثالثة قطعت لسانك وأعطها هذة العشرين ألف دينار فذهب إليها الخادم فقال : كنتي فبنتي .. كنتي يعني كنتي زوجته .. فبنتي يعني أصبحتي طليقته .. ولكنها كانت أفصح من الخادم فقالت : كنا فما فرحنا .. فبنا فما حزنا .. وقالت خذ هذه العشرين ألف دينار لك بالبشرى التي جئت بها .. وقيل أنها بعد طلاقها من الحجاج لم يجرؤ أحد على خطبتها وهي لم تقبل بمن هو أقل من الحجاج .. فأغرت بعض الشعراء بالمال فامتدحوها وامتدحوا جمالها عند عبد الملك بن مروان فأُعجب بها وطلب الزواج منها وأرسل إلى عامله على الحجاز ليخَبرها له .. أي يوصفها له فأرسل له يقول أنها لاعيب فيها غير أنها عظيمة الثديين .. فقال عبد الملك وما عيب عظيمة الثديين .. تدفىء الضجيع وتشبع الرضيع .. فلما خطبها وافقت وبعثت إليه برسالة تقول : أوافق بشرط أن يسوق الجمل من مكاني هذا إليك في بغداد الحجاج نفسه فوافق الخليفة فأمر الحجاج بذلك فبينما الحجاج يسوق الراحلة إذا بها توقع من يدها ديناراً متعمدة ذلك وقالت للحجاج يا غلام لقد وقع مني درهم فأعطنيه فأخذه الحجاج وقال لها إنه دينار وليس درهم .. فنظرت إليه وقالت : الحمد لله الذي أبدلني بدل الدرهم ديناراً .. ففهمها الحجاج وأسرها في نفسه أي أنها تزوجت خيراً منه .. وعند وصولهم تأخر الحجاج في الإسطبل والناس يتجهزون للوليمة فأرسل إليه الخليفة ليطلب حضوره فرد عليه نحن قوم لانأكل فضلات بعضنا ..
أو أنه قال : ربتني أمي على ألا آكل فضلات الرجال ..
ففهم الخليفة وأمر أن تدخل زوجته بأحد القصور ولم يقربها إلا أنه كان يزورها كل يوم بعد صلاة العصر ..
فعلمت هي بسبب عدم دخوله عليها فإحتالت لذلك ..
وأمرت الجواري أن يخبروها بقدومه لأنها أرسلت إليه أنها بحاجة له في أمر ما ..
وتعمدت قطع عقد اللؤلؤ عند دخوله ورفعت ثوبها لتجمع فيه اللآلىء ..
فلما رآها عبد الملك أثارته روعتها وحسن جمالها وتندم لعدم دخوله بها لكلمة قالها الحجاج ..
فقالت وهي تنظم حبات اللؤلؤ.. سبحان الله ..
فقال عبد الملك مستفهماً لم تسبحين الله ..
فقالت إن هذا اللؤلؤ خلقه الله لزينة الملوك .. قال نعم ..
قالت ولكن شاءت حكمته ألا يستطيع ثقبه إلا الغجر ..
فقال متهللاً نعم والله صدقتي .. قبح الله من لامني فيك ودخل بها من يومه هذا فغلب كيدها كيد الحجاج ..