بسم الله الرحمن الرحيم
في مسجد مهجور على طريق مكة المكرمة
!!
قال
::
ركبنا أنا و خالي سيارتنا
وأخذنا طريق العودة بعد أن صلينا
الجمعة في مكة , وبعد قليل ظهر لنا مسجد
مهجور وثلثيه مهدم , يستطيع أن يراه كل من مر
بالخط السريع
مررت بجانب المسجد وأمعنت النظر فيه .... و لفت انتباهي
شئ ما
!
!!!
!!!!!!
سيارة فورد زرقاء اللون
مرت ثواني ... ما الذي أوقف هذه السيارة ؟
خففت السرعة ودخلت على الخط الترابي ناحية المسجد
وسط ذهــول خــــــــالي .... مـــــا الأمر ؟ مــــــاذا حدث ؟
أوقفنا السيارة ....... في المسجد صوت عالي فخطر لي أن
ننتظرفي الخارج وأن نستمع
لكن الفضول قد بلغ بي مبلغه
لأرى ماذا يحــدث داخـــل هذا
المســــــجد , أغـــــلبه مهدم
والطير لا تمر به
دخلنا المسجد
!
!!!
!!!!!!
قلت
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فنظر إلينا
وكأننا افزعناه ومستغرب حضورنا
ثم قال ::
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سألته
أصليت العصر؟
قال :: لا
قلت :: لقد دخل وقت صلاة العصر
ونريد الصلاة
والشاب وضع سجادة صلاة
على الأرض وفي يده مصحف
صغير يقرأ مـــن سورة الـــرحمن
ولم يكن هناك أحدا غيره ....... وأؤكد
لم يكن هناك أحدا غيره
!!!!!!!!!!!
وجدت الشاب
ينظر ناحية القبلة و يبتسم
لمن ولماذا ؟
لا أدري
وفجأة سمعت الشاب يقول ::
جملة أفقدتني صوابي تماما
قال بالحرف الواحد
أبشر .. وصلاة جماعه أيضا
نظر إلي خالي متعجبا ... فتجاهلت ذلك
ثم كبرت للصلاة , وعقلي مشغول بهذه الجملة
أبشر ..... وصلاة جماعه أيضا
من يكلم وليس معنا أحد ؟
المسجد كان فارغا مهجورا
هل هو مجنون ؟
!
!!!
!!!!!!
بعد الصلاة ... أدرت وجهي لهم
ونظرت للشاب وكان مازال مستغرقا في التسبيح
ثم سألته كيف حالك يا أخي ؟ فقال بخير ولله الحمد
قلت له سامحك الله ... شغلتني عن الصلاة ؟
سألني لماذا ؟
قلت وأنا أقيم الصلاة سمعتك تقول
أبشر .. وصلاة جماعه أيضا
ضحك ورد قائلا وماذا في ذلك ؟
قلت لا شىء ولكن مع من كنت تتكلم ؟
ابتسم ثم نظر للأرض وسكت لحظات وكأنه يفكر
!!!!!!
هل تخبرني
؟
تابعت قائلا ما أعتقد أنك بمجنون
هادئ جدا ... وصليت معانا وما شاء الله
نظر لي
ثم قال ::
كنت أكلم المسجد
!!!
المسجد !!! المسجد
كلماته نزلت علي كالقنبلة
جعلتني أفكر فعلا
هل فعلا تكلم المسجد
؟؟؟؟؟
!!!!
قلت له نعم ؟
كنت تكلم المسجد ؟
!!!!!
وهل رد عليك المسجد ؟
تبسم ثم قال ::
ألم أقل لك إنك ستفهمني خطأ ؟
قلت ::
وهل الحجارة تتكلم ؟
هذه مجـــرد حجارة
تبسمت وقلت كلامك صحيح
وطالـما أنها لا ترد ولا تتكلم
لم تكلمها ؟
*
***
******
نظر إلـــــــى الأرض فترة
وكأنه مازال يفكر
ثم قال دون أن يرفـع عينيه
أنا إنسان أحـــــــب المساجد
كلما عثرت على مسجد قديم
أو مهدم أو مهجور أفكر فيه
أفكر عندما كان الناس يصلون
فيه , وأقول لنفسي يا الله كم هذا
المسجد مشتــــــــاق لأن يصلى فيه ؟
كم يحن لذكر الله .. أحـــس به ... أحس إنه
مشتاق للتسبيح والتهليـــل , يتمنى لو آية واحدة
تهز جدرانه , وأحس إن المسجد يشعر أنه غريب
بين المساجد .. يتمنى ركعة .. سجدة
ولو عابر سبيل يقــــول الله أكبر
فأقول لنفسي والله لأطفئن شوقك
والله لأعيدن لك بعض أيامك .. أدخل فيه
وأصلي ركعتين لله ثم اقرأ فيه جزأ كاملا من
القرآن الكريم
لا تقل إن هذه فعل غريب .. لكني والله ..أحب المساجد
!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
دمعت عيناي .... نظرت في الأرض مثله لكي لا يلاحظ
دموعي .... من كلامه
من إحساسه.... من أسلوبه .. من فعله العجيب
من رجل تعلق قلبه بالمساجد
ولم أدري
ما أقول له واكتفيت بكلمة جـــــزاك الله كل خير
سلمت عليه , وقلت :: له لا تنساني من صالح دعائك
!!!!!!!
ثم كانت المفاجاة المذهلة
وأنا أهم بالخروج من المسجد
قال وعينه مازالت في الأرض
أتدري بماذا أدعوا دائما وأنا أغادر
المساجد المهجورة بعد أن أصلي فيها
؟
نظرت إليه مذهولا ..... إلا أنه تابع قائلا
اللهم يا رب العالمين
اللهم إن كــــنت تعلم
أني آنست وحشـــة هذا المسجد
بذكرك العظيم , وقرآنك الكريم
لوجهك يا رحيم
فآنس وحشة أبي في قبره
وأنت أرحــــــم الراحمين
حينها شعرت بالـــــقشعريرة تجتاح
جسدي وبكيت وبــكيت كطفل صغير
أخي الحبيب أختي الغالية
أي فتى هذا ؟
وأي بر بالوالدين هذا ؟
كيف رباه أبواه ؟ وأي تربية ؟
وعلى أي شئ نربي أبناءنا ؟
كم مقصرين مع أبنآئنا ؟
كم مقصرين مع
والديينا أحياءاً و أمواتا ؟
************
اللهم إرحم ضعفنا وتقصيرنا
يا أرحم الراحمين
اللهم آآآآمين