رَقَّ النَّسِيـمُ، فَمَاسَـتِ الأَشجَـارُتِيهًـا، وَعَـانَـقَ مَيْسَـهَـا آذَارُ
أَلقَـى تَحِيَّتَـهُ علـى أغصَانِـهَـافَتَمَايَـلَـتْ، لَكَأَنَّـهَـا أَوْتَـــارُ
أَزجَتْ إِلَى الأَطيـارِ لَحنًـا رائِقًـافَتَسَاجَلَـتْ بِفَضَـائِـهِ الأَطـيـارُ
وَتَرَاقَصَتْ نَشْوَى، وفي أَرياشِهـاحَـطَّ الرَّبِيـعُ، وسَافَـرَ الـنُّـوَّارُ
وَعَلَى سِياجٍ غـارِقٍ فـي صَمْتِـهِنَشَـرَ الهَدِيـلَ بِفِتْـنَـةٍ مِنْـقَـارُ
وَأَنَـا أَصِيـخُ لِسَجْعَـةٍ سِحرِيَّـةٍفِيهَـا قُلُـوبُ العَاشِقِيـنَ تَـحَـارُ
والعابِراتُ يَضُوعُ مِنْهُـنَّ الشَّـذَىفَيَكَـادُ يَسْكَـرُ بالعَبِيـرِ نَـهَـارُ
والأُفْـقُ زَنَّـرَهُ حَنَـانُ سَحَـابَـةٍبَيْضَـاءَ أَهـداهَـا لَــهُ أَيَّــارُ
عُرسٌ، وكانَ الحُبُّ يَبْـذُرُ بَوْحَـهُبَيـنَ القُلُـوبِ، فَتَنْبُـتُ الأَسـرارُ
قالَ: الْهَوَى فِسْقٌ، وَغِـيٌّ سافِـرٌوالحُـبُّ رِجْـسٌ أَهلُـهُ كُـفَّـارُ!
قُلتُ: انْتَظِرْ، وانْظُرْ إلى هذا المَدَىتَغْفُـو علـى لَوْحَاتِـهِ الأَبصـارُ
تَتَهامَسُ الْبَسَمَاتُ فـي أحضانِـهِفَتَكادُ تَنهَضُ فـي المَبَاسِـمِ نـارُ
إن لم يَكُنْ في الأرضِ حُـبٌّ وارِفٌفَلِمَنْ تُبَـاعُ وَتُشتَـرَى الأَزهـارُ؟
وَلِمَنْ يُسَاقُ الشَّوقُ عِندَ جُنُونِـهِ؟وَلِمَنْ يُمَاطُ عَنِ الجَمَـالِ خِمَـارُ؟
وَلِمَنْ تَوَرَّدَتِ الخُدُودُ، وَأَسْفَـرَتْ؟وَلِمَنْ تَعَانَـقَ مِعْصَـمٌ وَسِـوَارُ؟
وَلِمَنْ بَرَى الشُّعَرَاءُ نَايَ أَنِينِهِـمْ؟وَلِمَـنْ تُدَبَّـجُ هـذهِ الأشـعـارُ؟
وَلِمَنْ تَخَضَّبَتِ القُلُـوبُ بِنَبْضِهَـا؟وَلِمَـنْ تُـرَاقُ وَتُسْتَبَـاحُ جِـرَارُ؟
وَلِمَنْ سَيَروِي السُّهْدُ قِصَّةَ سُهْدِهِ؟وَلِمَنْ سَيَسْهَرُ – وَيْحَكَ – السُّمَارُ؟!
يا صاحِبِي: لولا الهَوَى ما أَمعَنَـتْفي ذَوْبِهَـا بيـنَ الدُّجَـى أَقمَـارُ
وَلَمَا أَطَـالَ اللَّيْـلُ رِحلَـةَ عُتْمَـةٍواسْتسلمَـتْ للرِّحلـةِ الأنْـهَـارُ
يا صَاحِبِي: كُـلٌّ رَهِيـنُ طِبَاعِـهِوالطَّبْعُ يَغْلِبَ.. لَـنْ يُفيـدَ حِـوارُ
انْظُرْ إِلَى هذا الوُجُودِ، فقـدْ تَـرَىرَوْضًـا تُسَيِّـجُ وَرْدَهُ الأَحـجَـارُ
هلْ تُوقِفُ الأَحجَارُ نَهْـرَ عَبِيـرِهِ؟وَكَذَا الْهَوَى.. دَانَتْ لَهُ الأَسْـوَارُ!!